أيمن المهدي يكتب : كارثة بورسعيد .. ورائحة المؤامرة !

في عام 1956 وقف أبناء بورسعيد في وجه العدوان الثلاثي الغاشم على أرض مصر ونجحوا بصمودهم أمام جيوش بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في حماية بوابة مصر الشرقية ودحر هذا العدوان ليطلق عليها إسم المدينة الباسلة .

واليوم وبعد 56 عاماً وقف بعض من أحفاد هؤلاء الأبطال ليصنعوا بأيديهم مذبحة بشعة على أرض ستاد بورسعيد بعد نهاية لقاء المصري والأهلي.. وهذه المرة ليست ضد بريطاني أو فرنسي أو إسرائيلي بل ضد مواطن مصري أخر ليوصموا المدينة الباسلة بوصمة عار وتتشح مصر بالسواد ،والغريب أن يحدث هذا في مباراة كرة قدم.

أسباب هذه المذبحة الكارثية التي لم تهز مصر بل هزت العالم بأكمله عديدة ومتشعبة..لكن يبقى السبب الأول والمسئول الرئيسي عن دماء 71 شهيداً هو الأمن الذي تفوح من بين يديه رائحة المؤامرة ..

ففي البداية يعلم الجميع مدى حساسية وخطورة مباراة المصري والأهلي في ستاد بورسعيد منذ قديم الأزل وعادة ما كانت تشهد تأميناً غير عادياً في أفضل ظروفها من قبل رجال الأمن قبل الثورة وقبل دخول مصر في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها ..فكيف تقوم مديرية أمن بورسعيد بتأمين المباراة بهذا العدد القليل من جنود الأمن إلى جانب عدم وجود الكلاب البوليسية التي تعودنا على وجودها في جميع الملاعب بما فيها ملاعب أوروبا ..كل ذلك في وقت تردد فيه غياب محافظ بورسعيد ومدير الأمن عن الحضور لأول مرة في تاريخ لقاءات الفريقين منذ زمن بعيد؟.

وإذا تم التجاوز عما سبق بإفتراض حسن النوايا..فكيف يقف جنود الأمن وضباطه دون أن يحرك أحداً منهم ساكناً أمام الهجوم البربري من جماهير المصري وهي تعتدي على لاعبي الأهلي وتقتل جماهيره بهذا الشكل الذي لا أجد له وصفاً ؟ .. يقول البعض إن رجال الأمن فضلوا عدم التدخل كي لا يصطدموا بالجماهير .. فإذا كان هذا هو السبب فلماذا ذهبوا أساساً للإستاد طالما أنهم لا يملكون القدرة على التصدي لهذه الجريمة ؟!.هل ذهبوا لمشاهدة المباراة ؟! ربما .

المشهد لم يتوقف عند ذلك الحد بل أن هناك من قام بإطفاء الأضواء الكاشفة داخل الإستاد ليسود الظلام الدامس في جميع جنبات الملعب وليفعل كل من هم داخل الملعب ما يحلو لهم ..ولعل إطفاء الأضواء داخل الملعب كان سبباً رئيسياً في إرتفاع عدد الضحايا.

الغريب في الأمر أن المباراة إنتهت بفوز تاريخي لفريق المصري على الأهلي لم يتحقق منذ عام 48 ..فلماذا كل ما حدث إذا لم يكن هناك ترتيب مسبق بسيناريو مدروس؟! ..صحيح أن جماهير الأهلي قامت برفع لافتة مسيئة للغاية تحت عنوان ” بلد البالة مجبتش رجالة” – والبالة هي الملابس المستعملة التي يعاد بيعها في بورسعيد – وهذه اللافتة أثارت جماهير المصري لكن للأسف أن رد الفعل جاء أقوى مئات المرات من الرد على هذه اللافتة.

وبعيداً عن المؤامرة الأمنية فهناك عديد من الأسباب الأخرى التي ساهمت في كارثية هذا المشهد .. وبالطبع يأتي في مقدمتها إتحاد الكرة أو إتحاد المصالح الذي تأخرت إقالته بعد أن أدار اللعبة بطريقة التوازنات والخوف على إستمرارية أعضاءه على الكرسي ..فجاءت عقوباته واهية لاتتناسب مع ما وقع من أحداث في العديد من المباريات السابقة ،ولم يضرب بيد من حديد على الجماهير المشاغبة.

ويقف الإعلام الرياضي هو الأخر في قفص الإتهام خاصة الفضائيات التي ساهمت في تأجيج مشاعر الجماهير وهناك شخصيات بعينها لعبت دوراً كبيراً فيما وصلنا إليه بفضل تعصبهم الأعمى وفي مقدمتهم ذلك الشخص الذي لا أتشرف بذكر إسمه هنا الذي خرج مساء الخميس يحاول التمثيل ويتباكى أمام كاميرات برنامجه وترك كل شئ ليتحدث كعادته بألفاظه البذيئة عن عقدته الدائمة وهي التحكيم.

وللأسف فإن هذه الفضائيات لم تقف عند هذا الحد ،بل أن نسبة ما يقارب 95 % من مقدمي ومحللي هذه الفضائيات لم يبحثوا سوى عن مصالحهم فقط ..وذهبوا يدافعون بكل قوة عن مصدر رزقهم وهو الدوري وقادوا حملات كبيرة لعدم إلغاء المسابقة سواء في الموسم الماضي أو الحالي ..بل أن بعضهم تناسى دماء الشهداء التي سالت وراح يتحدث عن مسألة إقامة الدوري من عدمه ..

وفي النهاية يبقى ما حدث في بورسعيد مجزرة لن يستطيع أي قلم أن يعبر عما بداخل صاحبه من حزن ..وإذا كان الحزن يعصر قلوبنا ويملأ عيوننا بالبكاء على الضحايا ..فإن حزنا أكبر ممزوجاً بالرعب على مستقبل مصر يهز كياننا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ..ورحم الله ضحايا هذه المجزرة ..ورحم الله مصر.

أيمن المهدي – نقلا عن موقع كووورة
elmahdy73@hotmail.com


جميع الحقوق محفوظة 2024 كووورة نيوز - اجمد موقع كروي فى الوطن العربي
المقالات والتعليقات المنشوره لا تعبر عن رأي كوووره نيوز ولكن تعبر عن رأي صاحبها