ما شاء الله والله أكبر علي هذه الذاكرة الرقمية للدكتور الجنزوري, وعلي حدة الذهن والحيوية, لرجل جاء إلي المنصب. أو لنقل عاد إليه. في التوقيت المناسب لكي يرتب الأوراق المبعثرة, إن جهلا أو عمدا خلال سنوات العقد الأخير من الحكم الفاسد.. استبعاد رجل يتمتع بمصداقية ونزاهة وخبرة عميقة بإدارة شئون الدولة, وهي الصفات المطلوبة بشدة في هذه الأيام العصيبة.
ولابد أن كل مصري مهموم بشئون وطنه قد استمع باهتمام لبيان الحكومة الذي ألقاه رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب, وقد توقفت وأنا أعيد قراءته في الجريدة صباح اليوم التالي, عند قوله إن كلا من الأشقاء العرب والدول الغربية التي رحبت بالثورة المصرية في بدايتها, لم يقدموا ما وعدوا به من دعم اقتصادي ومادي, نحن في أمس الحاجة إليه الآن, حتي لكأنهم يرغبون في عقاب الشعب المصري علي ثورته!
لاشك أن ما قاله الجنزوري هو الحقيقة (المرة) في شقها العربي بالذات, لأن للدول الغربية ـ المانحة ـ حساباتها المصلحية وعلي رأسها أمريكا ومعها انجلترا وفرنسا وألمانيا, وهي ترتبط بكل تأكيد بمصلحة إسرائيل, ولأنه لا أمل في أن تدعم إسرائيل ظهور ديمقراطية أكبر منها في محيطها الذي كانت تنفرد فيه بالديمقراطية, إذن لا أمل في أي دعم أمريكي أو غربي سوي للحركات التي تعمل علي إضعاف مصر الجديدة وزعزعة استقرارها!
أما الاخوة العرب فالعتب عليهم شديد لأنهم تنكروا للوعود التي قطعوها في مستهل الثورة, بالعمل علي إزالة آثارها السلبية علي الاقتصاد والاستثمار.
والوقوف الي جانب الشقيقة الكبري, عرفانا بالجميل الحضاري الذي طوقت به أعناق (كل) الأشقاء ووفاء لأرواح أبنائها الذين استشهدوا دفاعا عن العرب في كل العصور!
وشخصيا لا أحب المن علي الاخوة بالواجب الذي قمنا به في الماضي, لكن تخلي الأشقاء عنا وقت الشدة, جدير بأن يحفز المصريين للتكاتف ولم الشمل والعمل الجاد لاستعادة التوازن, ثم الانطلاق نحو أعلي مراتب التنمية والرفاهية, معتمدين علي الله وعلي مواردنا وسواعدنا وعقولنا.. والأيام دول!
>>قال لي صديق, لماذا تعتب علي الأشقاء العرب, خاصة الخليجيين. ألا تري كرمهم في استضافة الفرق المصرية خلال المحنة الكروية الحالية في معسكرات طويلة ومباريات ودية قوية توفر لها احتكاكا طيبا لم يكن ممكنا اقامته في مصر الآن! قلت له: قلبك أبيض يا صديقي, هذه (تجارة) رابحة بكل المقاييس أساسها شركات تسويق رياضي خليجية تربح الكثير من وراء تنظيم هذه المعسكرات والمباريات ودخلها يعتمد كليا علي الجماهير المصرية في الخليج التي تمول هذه المعسكرات وتلك المباريات بملايين الدراهم والريالات !
عصام عبد المنعم – رئيس تحرير الأهرام الرياضي